أي: حطب النار؛ فهو - واللَّه أعلم - أن الإنسان إذا وقع في النار في هذه الدنيا لا يحترق احتراق الحطب؛ ولكنه يذوب ويسيل منه الصديد، فقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: إنهم يحترقون في النار في الآخرة احتراق الحطب، لا احتراق الإنسان في الدنيا؛ لأنها أشد بطشًا، وأسرع أخذًا، وأطول احتراقًا؛ وعلى هذا يخرج قوله:(وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ): ليس عذاب الدنيا أنه على الانقضاء والنفاد؛ ولكن على الدوام فيها والخلود أبد الآبدين؛ فنعوذ باللَّه منها.
وقوله:(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ (١١)
قيل: كأشباه آل فرعون، وقيل: كعمل آل فرعون وكصنيعهم، وكله واحد، ثم يحتمل بعد هذا وجهين:
يحتمل: صنيع هَؤُلَاءِ وعملهم - كصنيع آل فرعون ومن كان قبلهم بموسى، في التكذيب والتعنت.
ويحتمل بصنيع هَؤُلَاءِ بما يلحقهم من العذاب بالتكذيب والتعنت؛ فألحق أُولَئِكَ من العذاب بتكذيب الرسل، وتعنتهم عليهم.
وهذا - واللَّه أعلم - في قوم قد علم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أنهم لا يؤمنون أبدًا؛ لذلك قال تعالى لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أن قل لهم: (سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ. . .) الآية، وإلا فلا يلحقه ذلك الوعيد، واللَّه أعلم؛ لأن من الكفار من يسلم ومن لا يسلم، وإلا فلا يلحق بالوعيد من الكفار من أسلم.