للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يصلحون أبدًا، (إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٩٦)

وتقبلوا منهم ما يظهرون من العذر، ثم أخبر أنكم إن رضيتم عنهم وقبلتم ما يذكرون من عذرهم فإن اللَّه لا يرضى عنهم؛ لما يعلم أنه لا عذر لهم فيما يظهرون لكم من العذر، واللَّه أعلم. ليس على النهي عن إرضاء أُولَئِكَ؛ لأن إرضاء الخلق بعضهم لبعض إنما يكون بالحلف، وما يكون من الظاهر، ولكن النهي عن ترك الموافقة في الباطن، وفيه يتحقق رضاء اللَّه.

* * *

قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) يحتمل هذا وجهين:

يحتمل: طائفة من الأعراب أشد كفرًا ونفاقًا، وهو أن رسول اللَّه دعا كفار المدينة ومنافقيها، فأيأس عن إيمانهم بقوله: (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ. . .) الآية، فلما أيس عن إيمان هَؤُلَاءِ، أقبل نحو طائفة من الأعراب الذين كانوا بقرب المدينة وحواليها، فأخبر أنهم أشد كفرًا ونفاقًا من أهل المدينة.

ويحتمل أنه أراد الأعراب جملة أنهم أشد - أي: الكفار منهم وأهل النفاق - كفرًا ونفاقا من أهل الأمصار والمدائن، فهو لوجهين:

أحدهما: أن أهل الأمصار والمدن كانوا يسمعون الآيات والحجج، ويخالطون أهل رحمة ورأفة، وأهل مودة، وأما الأعراب وأهل البادية فكانوا لا يسمعون الآيات

<<  <  ج: ص:  >  >>