وقوله: - عَزَّ وَجَلَّ -: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أي: اتقوا اللَّه، ولا تسألوا شيئًا لم يأذن لكم في ذلك (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا ... (١١٣)
قوله: (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا)، يدل أنهم سألوا ذلك؛ لما كانت تحدث أنفسهم وتنازع في مشاهدة الآيات ومعاينتها، وإن كانوا صدقوا عيسى - عليه السلام - فيما يقول لهم ويخبر عن اللَّه؛ للمعنى الذي ذكرنا في إبراهيم عليه السلام، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا).
اختلف في تلاوته وفي تأويله:
قَالَ بَعْضُهُمْ بالنصب (وَنَعْلَمَ)، فهي القراءة الظاهرة المشهورة، ومعناه: وأن نعلم ما قد صدقتنا.
والثاني: أن العلم بالشيء من جهة الخبر ربما يعترض الوساوس والشبه؛ فطلبوا آية من جهة الحس والعيان؛ ليكون ذلك أدفع لما يعترض من الشبه والوساوس.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ).
أي: نكون عليها لمن أنكرها من الشاهدين: أنها نزلت.
قوله تعالى: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا).
أي: طعامًا دائمًا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله (تَكُونُ لَنَا عِيدًا)، أي: مجتمعًا، وسمي يوم العيد؛ لاجتماع الخلق. ثم قيل: نزلت يوم الأحد؛ فجعلوا ذلك اليوم يوم عيدهم. ثم اختلف في نزول المائدة:
قال الحسن: لم تنزل المائدة؛ لأنه سأل أن تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا، ونحن من آخرهم، فلم يكن لنا ما ذكر.
والثاني: (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)، وقد كفر منهم، ثم لم يظهر أنه عذبهم عذابًا لم يعذبه أحدًا