فمن قرأ بالتاء ذهب في التأويل إلى أن فيه إضمارًا؛ كأنهم قالوا: هل تستطيع أن تسأل ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء.
ومن قرأ بالياء قال:(هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ)، أي: هل يجيب ربُّك دعاءك إذا دعوته أن ينزل علينا مائدة من السماء.
قال الفراء: قد يكون مثل هذا السؤال على غير الجهل من السائل بالمسئول؛ لأنه يجوز أن يقال في الكلام: هل يستطيع فلان أن يقوم في حاجتنا وفي أمرنا، على علم منه أنه يستطيع، ولكنه يسأل عنه: أيفعل أم لا؟ وذلك جائز في العربية؛ ألا ترى أن قراءة من قرأ بالتاء - وهو ابن عَبَّاسٍ وعائشة:(هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ) - على علم منهم أن عيسى يستطيع السؤال لربه؟! لكنهم قالوا ذلك لما ذكرنا، وذلك جائز في اللغة.
ويجوز أن يراد بالاستطاعة: الإرادة، يقول الرجل لآخر: لا أستطيع أن أنظر إلى فلان، وهو يقدر النظر، لكنه يريد بذلك: لا أريد أن أنظر إليه؛ فعلى ذلك قوله:(هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ): هل يأذن لك ربُّك بالسؤال في ذلك، واللَّه أعلم.