للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك فساد الأرض.

وقال آخرون: دفع بالرسل والأنبياء شرهم عن المسلمين، وكفاهم بهم.

وقال غيرهم: دفع بالمؤمنين بعضهم عن بعض - دفع بالمجاهدين في سبيل الله عن القاعدين عن الجهاد، وإلا لغلب المشركون على الأرض.

وقيل: بدفع بالمصلي عمن لا يصلي، وبالمزكي عمن لا يزكي، وبالحاج عمن لا يحج، وبالصائم عمن لا يصوم.

ثم اختلف في قوله: (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)

وقيل: لو لم يدفع بعضهم ببعض لقتل بعضهم بعضًا، وأهلك فريق فريقًا، وفي ذلك تفانيهم وفسادهم، وفي ذلك فساد الأرض.

وقال آخرون: لو لم يدفع لفسدت الأرض، أراد بفساد الأرض فساد أهلها؛ لأنه لو لم يدفع لغلب المشركون على أراضي الإسلام وأهلها. فإذا غلبوا فسد أهلها.

وقال: (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)، إذا غلب المشركون عليها هدمت المساجد والصوامع، ففيه فساد الأرض. واللَّه أعلم.

وقوله: (وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ).

وعلى قول المعتزلة: ليس هو بذي فضل على أحد؛ لأن عليه أن يفعل ذلك، وأن يدفع ذلك كله عن المسلمين على قولهم، فإذا كان عليه ذلك لا يصير هو بما يدفع مفضلا ولا ممتنًّا. فنعوذ باللَّه من السرف في القول.

وقوله: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)

يحتمل قوله: (آيَاتُ اللَّهِ)، ما ذكره من قتل داود جالوت بالأحجار.

ذكر في القصة مع ضعف داود وقوة جالوت، على ما قيل: إن قامته كانت قدر ميل، وإن بيضته كانت ثلاثمائة رطل.

ويحتمل: ما ذكر من قيام القليل للكثير؛ لأنه قيل: إن جنود جالوت مائة ألف، وجنود طالوت ثلاثمائة وثلاثة عشر. وذلك من الآيات.

ويحتمل: جميع ما قص اللَّه عليه في القرآن من خبر الأمم السالفة. واللَّه أعلم.

وفي قتل داود جالوت، وقتل القليل الكثير، دليل: أنهم لم يقتلوا لقوة أنفسهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>