للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

بما أمرتهم من التوحيد والعبادة لك، وشاهدًا عليهم بما قالوا من البهتان.

وذكر في بعض القصة: لما قال اللَّه - تعالى - لعيسى: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) - قيل: فَأُرعِدَتْ مفاصله، وخشي أن يكون قالها؛ فقال: (سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ. . .) الآية.

وذكر -أيضًا- متكلمان يتكلمان يوم القيامة: نبي اللَّه عيسى ابن مريم - عليه السلام - وعدو اللَّه إبليس - لعنه اللَّه -:

فأما كلام عيسى - عليه السلام - يقول اللَّه: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)؛ فقال عيسى ابن مريم - عليه السلام -: (قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ. . .) إلى قوله: (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

وأما كلام اللعين: فيقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)

اختلف فيه:

عن الحسن قال: يقول ذلك في الآخرة: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) إن تعذب من مات على ما كان منه من القول الوخش في اللَّه، (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ)، أي: وإن تغفر لمن أكرمت له بالإسلام والهدى (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)؛ لأن منهم من قد آمن بعد هذا القول الوخش في اللَّه.

وقال آخرون: هذا القول كان من عيسى في الدنيا: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ)، يقول: إن تعذب من مات على الكفر الذي كان منهم (فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإن تَغفِر) من أكرمت له الهدى (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي: أنت العزيز وهم عبادك أذلاء.

وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (فإنك أنت الغفور الرحيم) وهو ظاهر؛ لأنه ذكر أنه غفور على إثر المغفرة.

وروي في الخبر أن نبي اللَّه - عليه السلام - كان أحيا ليله بقوله: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) به قام، وبه سجد، وبه قعد، فهو - واللَّه أعلم - على

<<  <  ج: ص:  >  >>