للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه لابد من أن يضع ذلك في آخر ويخبره بذلك، فذلك منه إظهار.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) يحتمل قوله: (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) ما توجبه الحكمة؛ لأن الحكمة توجب تعذيب كل كافر نعمة، وكل قائل في الله ما لا يليق به، أو أن يكون تفسير قوله: (بِالْقِسْطِ) ما ذكر، وهم لا يظلمون.

ويحتمل قوله: (بِالْقِسْطِ) وما ذكر: (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ. . .) الآية والقسط: هو العدل، وهم يومئذ عرفوا أنه كان يقضي بالعدل في الدنيا والآخرة، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٥) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٥٦) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (٦٠)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: إن ما في السماوات والأرض كلهم عبيده وإماؤه وملكه، لا لمن تعبدون دونه من الأصنام والأوثان، فمن عند من يملك الدنيا والآخرة اطلبوا ذلك منه؛ لا من عند من لا يملك يبين سفههم في طلبهم الدنيا من عند من يعلمون أنه لا يملك ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ): في كل وعد ووعيد أنه كائن لا محالة عذابا أو رحمة.

(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) أي: لا ينتفعون بعلمهم، فنفى عنهم العلم وإن علموا؛ لما لم ينتفعوا به.

ويحتمل قوله: (لَا يَعْلَمُونَ) أي: لم يكتسبوا سبب العلم، وهو التأويل والنظر في آياته وحججه.

ويحتمل نفي العلم عنهم لما أعطوا أسباب العلم، فلم يعلموا، فإن كان على هذا فيكونون معذورين، وإن كان على الوجهين الأولين فلا عذر لهم في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>