يحتمل يحق الحق بكلماته أي: برسله؛ إذ بالرسل يظهر الحق وبهم يظهر بطلان الباطل وهم حجج اللَّه في الأرض وبالحجج يظهر الحق، وكذلك الباطل.
ويحتمل ما ذكر أهل التأويل بكلماته: آياته التي أنزل عليه، بها ظهر حقيقة ما أتى به موسى وبها ظهر بطلان ما أتى به السحرة من السحر.
ويحتمل كلماته، ما وعد موسى قومه من العذاب الذي وعد من الظفر بأعدائهم والنصر عليهم وغير ذلك ما وعد من النعمة لهم؛ كقوله:(اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ).
يحتمل: ما آمن من آمن من قومه إلا على خوف من فرعون وملئه أي: آمنوا، أي: وإن خافوا من فرعون وملئه.
ويحتمل ما ترك من قومه الإيمان بموسى من ترك إلا على خوف من فرعون أن يفتنهم أي: يقتلهم ويعذبهم، ففيه دلالة أن الخوف لا يعذر المرء في ترك الإيمان حقيقة، وإن كان يعذر في ترك إظهاره؛ لأن الإيمان هو التصديق والتصديق يكون بالقلب ولا أحد من الخلائق يطلع على ذلك؛ لذلك لم يعذر في ترك إتيانه لأنه يقدر على إسراره، ألا ترى إلى قوله:(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)، كان مؤمنًا فيما بينه وبين ربه وإن لم يظهر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ) وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ) أي: قهر وغلب على أهل الأرض وإنه لمن المسرفين.