للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الحسن: كل (لعل) من اللَّه فهو على الإيجاب؛ لأنه قد تذكر وخشى، حيث قال: (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ. . .) الآية، وحيث قال: (آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)، لكن لم ينفعه إيمانه في ذلك الوقت؛ لأنه إيمان دفع واضطرار.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) في علومكم، فإن كان على هذا فهو يحتمل الشك، وإن كان على الأوّل فهو على الإيجاب لا يحصل الشك.

ثم اختلف في القول اللين: قال ابن عَبَّاسٍ: هو قول اللَّه: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩)، أي: فتوحّد، قال: هذا القول اللّين.

وعن الحسن: (قَوْلًا لَيِّنًا): قولا له: إن لك معادًا، إن لك مرجعًا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (قَوْلًا لَيِّنًا): قول: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: لينًا، ونحوه، وأصله ما ذكرنا بدءًا.

وقوله - عر وبئ -: (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) قال أهل التأويل: قوله: (أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا)، أي: يعجل بالعقوبة من قبل أن يسمع حجتنا.

أو أن يطغى بقتلنا بعدما سمع الحجة منا.

وجائز أن يكون أحد هذين في الفعل، والآخر في القول: أن يفرط علينا أو أن يطغى أيهما كان؟ لأنه قال في الجواب لهما: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، أي: أسمع ما يقول لكما، وأرى ما يفعل بكما، فهذا يدل - واللَّه أعلم - أن قوله: (أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى) يرجع أحدهما إلى القول، والآخر إلى الفعل؛ لأنه قال في وقت: (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ)، ونحوه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا تَخَافَا ... (٤٦) يحتمل على نفي الخوف، والأمن منه، كقوله: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)، ليس على النهي عن الحزن، فعلى ذلك الأول.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّنِي مَعَكُمَا): في النصر والمعونة لكم والذب عنكم والدفع، (أَسْمَعُ) ما يقول (وَأَرَى) ما يفعل، وقد كان منه إليهما: النصر والمعونة لهما، والدفع عنهما.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ... (٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>