وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)، فيه دلالة أن المشتري يملك المبيع قبل أن يقبضه؛ لأنه قال:(وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) أضاف إلى الناس أشياءهم، فلو كان لا يملك، لم يكن أشياء الناس، إنما كان أشياء البائع، فإنما نقص ماله.
وقوله:(وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، وهو ما ذكر في موضع آخر:(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦) قَالَ بَعْضُهُمْ: ما أبقى اللَّه لكم من ثوابه في الآخرة خير لكم إن آمنتم به، وأطعتموه مما تجمعون من الأموال.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ) أي: ما جعل اللَّه لكم مما يحل خير لكم مما يحرم عليكم من نقصان الكيل والوزن، (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالحلال أو بالآخرة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: طاعة اللَّه - وهو ما يأمركم به، ويدعوكم إليه - خير لكم مما تفعلون.
وقال الحسن: رزق اللَّه خير لكم من بخسكم الناس حقوقهم، لكن هذا يرجع إلى ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) يحتمل: ما أنا عليكم بحفيظ، أي: لست أشهد بياعاتكم وأشريتكم حتى أعلم ببخسكم الناس المكيال والميزان، لكن إنما أعرف ذلك باللَّه، وفيه دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.