وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمِنهُم) يعني: المنافقين (مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ) اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: (يَلْمِزُكَ) ويزورك لمكان الصدقات؛ طمعًا فيها؛ لتعطيهم الصدقات، و (يَلْمِزُكَ)، أي: يزورك؛ ليسألك من الصدقات، أي: إنما يزورونك لمكان الصدقات لتعطيهم، لا يزورونك ولا يأتونك لمكان الرسالة، أو رغبة في الدِّين، ولكن لمكان الصدقات، فإن أعطوا منها رضوا عنك ويعظمونك، وإن لم تعطهم إذا هم يسخطون؛ لأن إتيانهم رسول اللَّه وزيارتهم إياه لمكان الصدقة، فإذا لم يعطوا منها شيئًا سخطوا.
ومنهم من قال: قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ) أي: يطعن عليك في الصدقات، أو في قسمة الصدقات.
روي عن أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقسم قسمًا له، فجاءه رجل يقال له: ابن ذي الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول اللَّه، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل أنا؟! "، فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ائذن لي يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " دعه؛ فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم "؛ لحسن صلاتهم وصيامهم، فيحقر صلاته عند صلاة أُولَئِكَ، " يمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية " ذكر حديثًا طويلًا، وهو كأنه