يوافقونهم في العمل، فكررت هذه الأنباء والآيات عليهم وأعيدت مرة بعد مرة، وإن كان أُولَئِكَ لا يستمعون إليها للوجوه التي ذكرنا.
والرابع: كررت غير مرة لما لعلهم لا يقبلون في وقت ويقبلون في وقت، فيقولون: لو كررت وأعيدت لقبلنا، فكررت وأعيدت لئلا يقولوا بأنها لو أعيدت وكررت لقبلناها، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥) قيل: شهيدها رسولها؛ كقوله:(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ. . .) الآية، وقوله:(وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا)، ونحوه، سمي: شهيدًا؛ لأنه شهد على ما عملوا، وحضر ما كان منهم - واللَّه أعلم - من التكذيب والقبول والرد.
(فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ): في تسميتكم الأصنام: آلهة، أو في استحقاقها العبادة، أو في زعمكم: هَؤُلَاءِ شفعاؤنا عند اللَّه ونحو ذلك، يقول: هاتوا برهانكم وحجتكم على ما زعمتم.
وقوله:(فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ): هذا أيضًا يحتمل وجوهًا:
أحدها: علموا أن الألوهية والربوبية لله.
أو علموا أن الشفاعة لله لا للأصنام التي عبدوها ليكونوا شفعاء لهم عند اللَّه؛ كقوله:(قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا).
أو أن يكون: أن الحق الذي عليهم وهي العبادة لله.
أو أن يكون ما جاء به الرسل من الحق إنما جاءوا به من عند اللَّه.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي: ضل عنهم ما كانوا يأملون من عبادتهم تلك الأصنام من الشفاعة والزلفى.