للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: خاضعين مطيعين.

فَإِنْ قِيلَ: كيف أُمِرَتْ بالركوع مع الراكعين؟! قيل: كانوا - واللَّه أعلم - ذوي قرابة منها ورحم؛ ألا ترى أنهم كيف اختصموا في ضمها وإمساكها، حتى أراد كل واحد منهم ضمها إلى نفسه، وأنه الأحق بذلك؟! دل أن بينهم وبينها رحمًا وقرابة.

وقيل في قوله: (اقْنُتِي): أي: أطيلي الركوع في الصَّلاة واللَّه أعلم.

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: يحتمل (مَعَ الرَّاكِعِينَ): أي: ممن يركع ويخضع له بالعبادة، لا على الاجتماع - واللَّه أعلم - كيف كان الأمر في ذلك؟.

وقوله: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ (٤٤) أي: من أخبار الغيب لم تشهده أنت يا مُحَمَّد ولم تحضر، بل نحن أخبرناك وذكرناك عن ذلك.

ثم في ذلك وجوه الدلالة:

أحدها: أراد أن يخبره عن صفوة هَؤُلَاءِ وصنيعهم؛ ليكون على علم من ذلك.

والثاني: دلالة إثبات رسالته؛ لأنه أخبر على ما كان من غير أن اختلف إلى أحد، أو أعلمه أحد من البشر على علم منهم ذلك؛ دل أنه إنما علم ذلك باللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -.

والثالث: أن يتأمل وجه الصفوة لهم؛ أنهم بما نالوه؛ فيجتهدوا في ذلك، واللَّه أعلم.

وفي ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى أن ظهر ذلك بإلقاء الأقلام.

وقوله: (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) الآية.

قيل: إنهم ألقوا أقلامهم على جرية الماء، فذهبت الأقلام كلها مع الجرية؛ إلا قلم زكريا؛ فإنه وقف على وجه الماء.

وقِيل: طرحوا أقلامهم في الماء، وكان من شرطهم أن من صعد قلمه عاليًا مع الجرية، فهو أحق بها، ومن سفل قلمه مع الجرية فهو المقروع، فصعد قلم زكريا، وتسفلت أقلامهم؛ فعند ذلك ضمها زكريَّا إلى نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>