للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) عن الحسن قال: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ): تبدل سماء غير هذه السماء، وأرض غير هذه الأرض، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض؛ لأن السماء هذه أخبر أنها تنشق وتطوى وتبدل؛ كقوله: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَا)، و (يَوْمَ نَطْوِي) و (يَوْمَ تُبَدَّلُ)، ونحوه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) إنما هو صلة الكلام؛ كأنه قال: خالدين فيها إلا ما شاء ربك، وقد يتكلم بمثل هذا على الصلة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: يدوم لهم العذاب أبدًا ما دامت السماوات والأرض الأهل الدنيا ما كانوا فيها؛ لأئهما إنما تفنيان بعد فناء أهلها وإحياء الأهل والبعث، فأخبر أن العذاب يدوم لهم كما يدوم لأهل الدنيا السماء والأرض.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) أي: ما دامت سماء الجنة وأرض الجنة، وسماء النار وأرض النار، لكن ذكر هذا لئلا يتوهم أهل الجنة والنار قبل هلاك سمائها وأرضها على ما يتوهم في توهم هلاك أهل الدنيا قبل هلاك سمائها وأرضها.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) أي: ما دامت الأرض أرضًا والسماء سماء، يتكلمون على ما بعد من أوهامهم فناؤهما، أو على الصلة؛ يقول الرجل لآخر: لا أكلمك ما دام الليل والنهار: أي أبدًا.

هذا تأويل قوله: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) وأما قوله: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) قال بعضهم: إن ناسًا من أهل التوحيد يعذبون في النار على قدر ذنوبهم وخطاياهم ثم يخرجون منها. وقد روي في ذلك آثار؛ روي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي اللَّه عنهما - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " الاستثناء في الآيتين كلتيهما لأهل الجنة "، يعني:

<<  <  ج: ص:  >  >>