قال: وذكر أن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يقول ويحدث ذلك عن ربه تعالى:" عبدي، أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا دعوتني ".
وقال الحسن: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم، فأما المؤمن فأحسن بربه الظن، فأحسن العمل، وأما الكافر والمنافق، فأساء به الظن؛ فأساء العمل، ثم تلا قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ. . .) الآية، وقال: الجلود: كناية عن الفروج.
وفي حرف حفصة:(وما كنتم تخشون)، وفي حرف أُبي وابن مسعود:(ولكن زعمتم أن اللَّه لا يعلم) كذا؛ وكذلك في حرفهما:(فذلكم زعمكم الذي زعمتم) والزعم في كلام العرب: الكذب، وفيه يستعمل.
ويحتمل (أَرْدَاكُمْ) أي: أغواكم وأضلكم على ما ذكرنا.
وقوله:(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ... (٢٤) هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: فإن يصبروا على ما هم عليه من الأعمال إلى أن ختموا به، فالنار مثوى لهم في الآخرة.
والثاني: أي: فإن يصبروا في الآخرة فالنار مثوى لهم، أي: لا ينفعهم الصبر على ذلك، ولا يكون الصبر سبب الفرج عن ذلك؛ وهو كقوله - سبحانه وتعالى - خبرا ضهم:(سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ)، فيكون أحد التأويلين في الدنيا والثاني في الآخرة.