للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من في علم اللَّه أنه يؤمن، وأما من في علم اللَّه أنه لا يؤمن فلا يؤمن.

وقيل: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ) أي: لا تؤمن نفس إلا بمشيئة اللَّه، أي: إذا آمنت إنما تؤمن بمشيئة اللَّه ما يفعل إنما يفعل بمشيئة اللَّه؛ كقوله: (رَمَا لتَثَآءُونَ إِلَّا أَن يشًآءَ اللَّهُ).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ) أي: بأمر اللَّه، فمعناه إذا آمنت إنما تؤمن بأمره لا تؤمن بغير أمره فالأول أقرب، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) أي: يجعل جزاء الرجس، أي: جزاء الكفر على الذين لا يعقلون، أي: الذين لا ينتفعون بعقولهم، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) تأويله - واللَّه أعلم - أي: انظروا إلى آثار نعمه وإحسانه التي في السماوات والأرض لكي تشكروه أو يقول: انظروا إلى آثار ربوبيته وألوهيته في السماوات والأرض، فتوحدوه وتؤمنوا به أو يقول: انظروا إلى آثار سلطانه وقدرته فتخافوا نقمته وعقابه، أو انظروا إلى أجناس الخلق واتساقه على تقدير واحد ليدلكم على وحدانيته ونحو ذلك، ليس شيء في السماوات والأرض يقع عليه البصر إلا وفيه دلالة الربوبية حتى طرفة العين ولحظهَ البصر.

وقوله: (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يحتمل وجوهًا: يحتمل وما تغني الآيات والنذر عن قوم، همتهم المكابرة والمعاندة، إنما تغني الآيات من همته القبول والانقياد، وأما من همته المكابرة والعناد فلا تغني؛ وهو كقوله: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى. . .) الآية.

ويحتمل وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون في الدنيا، إنما تنفع وتغني لقوم يؤمنون، فأما من لا يؤمن فلا تغني.

والثالث: (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ) يحتمل الرسل، ويحتمل المواعيد التي أوعدوا والأحوال التي تغيرت على أوائلهم، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>