فمن حمله على القسم قرأه (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً) يعني: حلفهم، ومن حمله على الشهادة ابتداء قرأ:(اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ) يعني: تصديقهم، ليس أنها قراءة واحدة فقرئت بلفظين، ولكنهما كانا جميعا فقرئت بالمعنيين جميعًا، واللَّه أعلم.
والإشكال أن كيف قال اللَّه تعالى:(وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)، وهم إنما قالوا:(نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ)، ومعلوم أن هذا القول منهم صدق، ولكن المعنى من هذا - واللَّه أعلم - أنهم طعنوا فيما أظهروا من الخلاف والتكذيب عند غير رسول اللَّه، فحسبوا أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - اطلع على صنيعهم فأتوا رسول اللَّه يعتذرون إليه، ويقولون:(نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) وأن ما بلغك منا من القول كذب وما قلناه، فأخبر اللَّه تعالى أنهم لكاذبون فيما أخبروا أنهم ما قالوه، ألا ترى إلى قوله:(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ).
ويحتمل أن يكون معناه: إنا نشهد أن في قلوبنا إنك لرسول اللَّه كما نظهره بألسنتنا،