في قوله:(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ) وجهان:
أحدهما: أن يعرف قوله: أمر اللَّه، ما أراد به وما الذي استعجلوه، وإنما استعجلوه الساعة والقيامة؛ بقوله:(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَ. . .) الآية، ونحوه من الآيات.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أمر اللَّه هو عذابه، وكذلك أجميع، ما ذكر في جميع القرآن من أمر اللَّه؛ المعنى منه عذابه؛ كقوله:(جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ)، أي: عذابه، ونحوه.
ويحتمل قوله:(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ): رسوله الذي كان يستنصر به أهل الكتاب على المشركين؛ كقوله:(وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. . .) الآية، وكان يتمنى مشركوا العرب أن يكون لهم رسول كسائر الكفرة؛ كقوله:(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ. . .) الآية، (فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ) ذهاب ما كنتم تتمنون بمحمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو شيء آخر. واللَّه أعلم.
ثم إنه لم يرد بقوله:(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) وقوعه؛ ولكن قربه؛ أي: قرب آثار أمر اللَّه؛ كما يقال: أتاك الخبر، وأتاك أمر كذا؛ على إرادة القرب؛ لا على الوقوع. وجائز أن يكون قوله:(أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) أي: ظهر أعلام أمر اللَّه وآثاره، ليس على إتيان أمره من مكان إلى مكان؛ كقوله:(جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ)، وآثاره: هو رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه كان به يختم النبوة؛ فهو كان أعلام الساعة على ما روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فقال: " بعثت أنا