فَإِنْ قِيلَ: ما الحكمة في قوله: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ)، والأنبياء - عليهم السلام - لا يرتكبون ما يجب به قتلُهم؛ كقوله - تعالى - (الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. . .) الآية، أطلق القول فيه من غير ذكر اكتساب شيء يستوجب به ذلك، وشرط في المؤمنين اكتساب ما يستوجبون به؛ كقوله:(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا. . .) الآية، فكيف ذكر هاهنا - القتل بغير حق، وهم لا يكتسبون ما يستوجبون به القتل؟! قيل: يحتمل قوله: بغير حق، أي: بغير حاجة؛ لأنهم كانوا يقتلون بلا منفعة تكون لهم في قتلهم؛ على ما قيل: إنهم كانوا يقتلون كذا كذا نبيا، ثم يهيج لهم سوق؛ فإذا كان كذلك يحتمل قوله:(بِغَيْرِ حَقٍّ)، أي: بغير حاجة؛ كقول لوط - عليه السلام -: (هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) فقالوا: (مَا لنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ)، أي: من حاجة، واللَّه أعلم.
ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ)، أي: قصدوا قصد قتل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فكأنْ قد قتلوه، أو قتلوا أصحابه - رضي اللَّه عنهم - فأضيف إليهم، واللَّه أعلم.