شبههم في غير آي من القرآن، بالشجرة الخبيثة والكلمة الخبيثة، وبالرماد وبالزبد والتراب، ونحوه.
وإن كان على النعت والصفة فهو في الآخرة، وهو ما ذكر: الذي يحشرون على وجوههم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى). أي: لأولياء اللَّه المثل الأعلى، وهم المؤمنون، لا أن اللَّه وصف المؤمنين بالحياة، والنور، والعدل، وغير ذلك من الأسماء الحسنة، وذلك لله في الحقيقة، لكنه بفضله ومنه وصفهم وسماهم بذلك، فأضيف إلى اللَّه؛ لما بفضله استوجبوا لا باستحقاق أنفسهم. وكذلك قوله:(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، أضيف ذلك إليه؛ لما بفضله يستوجبون تلك الأسماء التي سماهم. ويحتمل قوله:(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى): أي: لأولياء اللَّه المثل الأعلى، كأنه قال: وللذين يؤمنون بالآخرة مثل الأعلى، مقابل ما ذكر؛ حيث قال:(لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قال الحسن: العزيز بالغلبة منه في الأشياء كلها على ما أمره، وكل شيء دونه ذليل، الحكيم بالعدل منه في كل قضاء قضى وقد ذكرناه في غير موضع.
وقوله:(الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في هذا الموضع كأنه قال: وهو العزيز بنفسه لا بخلقه وأوليائه؛ كما يكون لملوك الأرض؛ يكون عزهم بخدمهم وحشمهم، فإذا ذهبوا أو عصوه يصير مقهورًا مغلوبا، فأما اللَّه - سبحانه وتعالى - فهو عزيز بذاته.
والحكيم: أي: إنشاؤه العصاة منهم على علم منه بذلك، لم يخرج ذلك على غير الحكمة، واللَّه أعلم.
دل قوله:(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) أنَّ له أن يستأصلهم ويهلكهم بما كان منهم؛ لكنه - بفضله - تركهم إلى المدة التي ضرب لهم؛ لأنه لو لم يكن له ذلك لم يكن للوعيد الذي أوعد معنى.
وقال أبو زيد البلخي إن اللَّه بما أوعد من الوعيد ليس يوعد لمضرة نفسه ولا لنفع