للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كانوا على مذهب واحد، ولم يكن بينهم اختلاف وعداوة - لكان ذلك عليه أشد، وفي المقام بينهم أصعب، لكن مَنَّ عليه بالاختلاف فيما بينهم؛ لما جعل الاختلاف والتنازع سبب الفشل؛ كقوله - تعالى -: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ).

يحتمل وجهين:

يحتمل: كلما أرادوا مكر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأجمعوا أمرهم على قتله، أطلع اللَّه نبيه - عليه الصلاة والسلام - على ذلك؛ حتى لم يقدروا على مكره.

والثاني: كلما انتصبوا للحرب مع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - واجتمعوا عليه، فرق اللَّه شملهم، وجعلهم بحيث لا يجتمعون على ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا)

يحتمل وجهين -أيضًا-:

يحتمل: السعي بالفساد على حقيقة المشي على الأقدام، وهو ما كانوا يسعون في نصب الحرب مع المؤمنين، والاتصال بغيرهم من الكفرة، والاستعانة بهم؛ فذلك هو السعي في الأرض بالفساد.

والثاني: ما كتموا من نعت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفته وحرفوا ما في كتبهم من أعلام نبوته وآيات رسالته، ودعوا الناس إلى غير ما نزل فيه؛ وذلك سعي في الأرض بالفساد، وبالله التوفيق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)

لأنه لا يحب الفساد، ولا يرضى به.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥)

عامل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - خلقه معاملة أكرم الأكرمين؛ حيث وعد لهم المغفرة، وتكفير ما ارتكبوا في حال الكفر، وقولهم في اللَّه من القبيح الوَخْش؛ لو آمنوا واتقوا الذي قالوا في اللَّه؛ وهو كما قال اللَّه: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ): وذلك - واللَّه أعلم - أنه لما تاب ورجع عن صنيعه يرجع عن جميع ما كان منه، ويندم على ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>