بينهما، وما قال:(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .) الآية. لم يكن ظنهم أنه خلقهما باطلا؛ ولكن لما أنكروا البعث صار في ظنهم خلقهما باطلا.
قَالَ بَعْضُهُمْ:(فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) أي: أعرض عنهم، ولا تكافئهم بما آذوك بألسنتهم وفعلهم (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) فإني أكافئهم عنك على أذاهم إياك وصنيعهم يومئذ.
والصفح الجميل: هو ما لا نقض فيه ولا منة في العُرف؛ أي: اصفح الصفح ما يوصف فيه بتمام الأخلاق، وما لا نقض فيه ولا منة يحتمل الصفح الجميل: هو أن يصفح ولا يمنّ عليهم، كأنه أمره أن يصفح صفحًا لا منة فيه.
قوله تعالى:(وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) فتجزى أنت على صفحك الجميل؛ وهم على أذاك. واللَّه أعلم.
أحدهما: أنه على علم بما يكون منهم من المعصية والخلاف خلقهم، لا خلقهم عن غفلة وجهل بذلك؛ ليعلم أنه لم يخلق الخلق لحاجة نفسه ولا لمنفعة نفسه، ولكن خلقهم ليمتحنهم بما أمرهم به ونهاهم، ولما يرجع إلى منافعهم وحوائجهم.
والثاني: إن ربك هو الخلاق لخلقه؛ العليم بمصالحهم بأن الصفح الجميل لهم، ذلك أصلح في دينهم من المكافأة. واللَّه أعلم.
اختلف في قوله:(سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي): قَالَ بَعْضُهُمْ: (سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي): المثاني: هو القرآن كله؛ كقوله تعالى:(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ). وقيل: سمي مثانيًا لترديد الأمثال فيه والعبر والأنباء؛ فإن كان على هذا فيكون قوله:(سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي): أي: سبعًا من القرآن العظيم.