وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ. . .) الآية يحتمل أن تكون الآية في الشهادة نفسها؛ كأنه قال: أن قوموا شهداء لله، واجعلوا الشهادة له، فإذا فعلوا هكذا لا يمنعهم بغض أحد وعداوته، ولا رضا أحد وولايته - القيام بها. ندبهم اللَّه أن يقوموا في الشهادة لله والحكم له: يحكم للعدو كما يحكم للولي، ويقوم في الشهادة للعدو كما يقوم للولي، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يكون في بيان الحق والحجج وتعليم الأحكام والشرائع؛ كأنه يقول - والله أعلم -: قوموا في بيان الحجج والحق وتعليم الأحكام للَّهِ، لا يمنعكم بغض قوم ولا رضاهم على ألا تبينوا الحق لهم، ولا تعلموا الحجج والأحكام لهم.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ)، أي: لا يحملنكم (شَنَئَانُ قَوْمٍ)، أي: بغض قوم (عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا) فيهم؛ فإنما العدل لله في الرضا والسخط، (اعْدِلُوا)، يقول: قولوا العدل بالحق؛ فإنه أقرب للتقوى.