أي: فظن أن لم نضيق عليه، وكذلك قوله:(يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ)، يعني: ويضيق عليه، أي: من ضيق عليه، فلينفق نفقة ضيقة؛ فذلك قوله:(فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ)، واللَّه أعلم.
فهو يدل على أن العباد ما اكتسبوا من الأموال، فهي كلها مما آتاهم اللَّه تعالى، وأن لله - تعالى - في أفعال العباد وفيما يكتسبونه من الأموال صنعا وتدبيرًا؛ لأنه لولا ذلك، لكان يجوز أن يكلفه اللَّه تعالى وإن لم يؤتها لهم، إذا كان في قدرته أن يكتسب ما لم يؤته اللَّه تعالى.
هذا دليل على أنه إذا عجز عن نفقة امرأته، لم نفرق بينها وبينه؛ لأنه إذا فرق بينهما، لم نصل إلى زوج ينفق عليها للحال، بل نحتاج فيه إلى انقضاء العدة، وقد يتوهم في خلال ذلك أن يوسر الزوج؛ لأن إنجاز وعد اللَّه تعالى في اليسار بعد العسر أقرب من قدرتها على زوج ينفق عليها، وليس هذه كالأمة؛ لأنه إذا باع الأمة دخلت في ملك آخر ينفق عليها، واللَّه أعلم.
ثم يجوز أن يكون قوله:(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) وعدًا لجميع الأمة أن من ابتلى بالعسر يتبعه اليسر.
ويجوز أن يكون خطابا لأصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حين كانوا في عسر وضيق عيش، فوعدهم اللَّه - تعالى - بعد ذلك العسر الذي كانوا فيه يسرًا، وقد أنجز ذلك الوعد حيث فتح لهم الفتوح، ونصرهم على أعدائهم؛ فغنموا أموالهم، واللَّه أعلم.