وقَالَ بَعْضُهُمْ:(أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) هو الخط؛ وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي الله عنه.
وذكر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال:" كان نبي من الأنبياء - عليهم السلام - يخط، فمن صادف مثل خطه علم ".
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ:(أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أي: قديم من علم، قال: ذا الأثارة: الشحم القديم.
وقيل:(أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أي: رواية عن الأنبياء عليهم السلام.
ثم ذكر سفههم وبين نهاية تعنتهم، وهو قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ... (٥) لأنه لا يملك إجابته ولا يحتمل ذلك.
والثاني: لا يستجيب له إلى يوم القيامة، ثم إذا جاء به يوم القيامة أجابه باللعن والتبري، كقوله - تعالى -: (يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا)، وقوله - تعالى -: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ)، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر تبرى بعضهم من بعضٍ، ولعن بعضهم بعضًا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) لم يكن منهم لهم أمر بذلك ولا دعاء ولا شيء من ذلك، كقوله - تعالى -: (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٦) هو ما ذكرنا أنه يصير بعضهم لبعض أعداء يتبرءون منهم، ويلعنونهم، ويكفرون بعبادتهم.