لا مراء في أن التوحيد جوهر الإسلام وحجر الزاوية في عقيدته، وما من نبي أو رسول إلا دعا قومه إليه ودلهم على شواهده وبراهينه في الكون.
ويقوم التوحيد على تنزيه اللَّه في ذاته وصفاته وأفعاله، وقد سلك السلف فيه طريقًا وسطًا بين النفي والإثبات دون تأويل أو تعطيل أو تشبيه أو تجسيم.
أما المعتزلة فلهم طريقة مخصوصة في فهم التوحيد، يدلنا عليها أبو الحسن الأشعري بقوله: " أجمعت المعتزلة على أن اللَّه واحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وليس بجسم، ولا شبح، ولا جثة، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا شخص ولا جوهر ولا عرض، ولا بذي لون ولا طعم ولا رائحة ولا مجسة، ولا بذي حرارة ولا رطوبة ولا يبوسة، ولا طول ولا عرض ولا عمق، ولا اجتماع ولا افتراق، ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض وأجزاء، وجوارح وأعضاء، وليس بذي جهات، ولا بذي يمين وشمال وأمام وخلف وفوق وتحت، ولا يحيط به مكان، ولا يجري عليه زمان. ولا تجوز عليه المماسة ولا العزلة ولا الحلول في الأماكن. ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم. ولا يوصف بأنه متناه. ولا يوصف بمساحة ولا ذهاب في الجهات، وليس بمحدود، ولا والد ولا مولود، ولا تحيط به الأقدار، ولا تحجبه الأستار، ولا تدركه الحواس، ولا يقاس بالناس، ولا يشبه الخلق بوجه من الوجوه. ولا تجري عليه الآفات، ولا تحل به العاهات، وكل ما خطر بالبال وتصور بالوهم فغير مشبه له، لم يزل أولًا سابقًا للمحدثات، موجودًا قبل المخلوقات، ولم يزل عالمًا قادرًا حيا، ولا يزال كذلك، لا تراه العيون، ولا تدركه الأبصار، ولا تحيط به الأوهام، ولا يسمع بالأسماع، شيء لا كالأشياء، عالم قادر حي لا كالعلماء القادرين الأحياء، وأنه القديم وحده ولا قديم غيره، ولا إله سواه، ولا شريك له في ملكه، ولا وزير له في سلطانه، ولا معين على إنشاء، أنشأ وخلق ما خلق، لم يخلق الخلق على مثال سبق، وليس خلق شيء بأهون عليه من خلق شيء. آخر ولا بأصعب عليه منه، ولا يجوز عليه احتزار المنافع ولا تلحقه المضار، ولا يناله السرور واللذات، ولا يصل إليه الأذى والآلام، ليس بذي غاية