قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) هذا ليس بابتداء خطاب، ولكنه جواب عن سؤال تقدم؛ فيشبه أن يكون السؤال عن وقت لقاء الأنفس الأعمال؛ فنزل قوله:(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إشارة إلى أحوال ذلك الوقت وآثارها؛ على ما نذكر المعنى الذي له وقع لتبيين الأحوال دون تبيين الوقت في سورة (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ).
واختلف في قوله - تعالى -: (كُوِّرَتْ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: هي فارسية، معربة، وهي بالعربية: غورت.
وقال:(كُوِّرَتْ)، أي: ذهب ضوءها؛ يقال: كور الليل على النهار، أي: أذهب نوره وضياءه؛ فالتكوير يغطي لون الشيء عن الأبصار، فقيل: كورت الشمس، أي: حبس ضوءها على الأبصار بالطمس؛ فيكون فيه إنباء أنه يطمس ظاهرها، ثم يرد التغيير في نفسها فتتلف وتتلاشى، ومنه يقال: كور العمامة؛ إذا لفها على رأسه فتغطيه.
وقيل: ذهب ضوءها؛ فكأن ضوءها يذهب أولا، ثم تتناثر بعد ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣) أي: قلعت عن أماكنها وسيرت، كما قال في آية أخرى:(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ)، وهي إذا قلعت تكثرت؛ حتى لا يتبين للناظر سيرها؛ لكثرتها؛ فيحسبها جامدة، وهي تسير، فهذا