المعتزلة، حيث قالوا: إن المقتول ميت قبل أجله، وفيه أن قوله:(وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ)، إنما نهانا أن نسميهم أمواتًا في جهة ليس في الجهات كلها، حيث سمى يَحْيَى: ميتًا، وهو كان شهيدًا على ما ذكر أنه قتل.
وفي قوله:(وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) استدلال لأبي حنيفة - رحمه اللَّه - حيث وقف في أولاد المسلمين والمشركين، فقال: لا علم لي بهم، ولم يقطع فيهم القول؛ لما يجوز أن يجعل اللَّه لهم من المنزلة والتمييز والفهم في حال صغرهم حتى يعرفوا خالقهم ومنشئهم، على ما أعطى يَحْيَى وعيسى في حال صباهما وصغرهما الحكم والفهم والمعرفة.
ثم يحتمل قوله:(إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا) إذا بلغت مبلغ النساء فارقت أهلها، وانتبذت منهم؛ لئلا يقع بصر غير ذي الرحم المحرم عليها، وألا يراها أحد، ولا يصلح النظر إليها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(مَكَانًا شَرْقِيًّا) أي: جلست في المشرقة؛ لأنه كان في الشتاء.