وقوله:(وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) أي: لا تضربن إحدى رجليها على الأخرى ليقرع الخلخال بالخلخال.
(لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) أي: ما يواري الثياب من الزينة وهو الخلخال قد أخفاه الثياب؛ نهيت المرأة عن ضرب رجلها؛ ليعلم الرجال ما تخفي من زينتها، وذلك محظور عليها، لما يخرج ذلك مخرج ترغيب الناس وحثهم عليها، فالزينة في الأصل ما جعلت إلا للترغيب والتحريض على أنفسهم، وهي الداعية إلى النظر والشهوة، وفي ترك ذلك وترك المرأة الزينة صيانتها، وصيانة الرجال، وإبعادهم جميعًا من الزينة، والرغبة، فكشف الشابة عن وجهها، ونظر الرجل بشهوة إليها أحرى أن يكون محظورا عليه، منهيًّا عنه، واللَّه أعلم بالصواب.
يحتمل قوله:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ) أي: ارجعوا إلى اللَّه بالطاعة له والخضوع؛ لتكونوا مفلحين.
أو أن يكون قوله:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ) ارجعوا عما قدمتم من المعاصي والمساوئ، واجعلوا مكان ذلك طاعة له؛ ليعفوا عنكم ما قدمتم من المعاصي، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) الأمر بالإنكاح وإن خرج مخرج أمر واحد في الظاهر فهو في الحقيقة على أقسام:
الأمر في تزويج الإماء والعبيد يخرج مخرج الترغيب والتحريض.
وفي الأحرار يخرج مخرج المعونة والتقوية؛ لأن من بلغ ولده النكاح ذكرًا أو أنثى استثار أقرباءه، وأهل أنسابه، والمتصلين به في ذلك، واستعانهم على ذلك، ولا كذلك السادات في المماليك؛ دل أن الأمر في أحدهما يخرج على المعونة، وفي الآخر على