للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولوا ذلك، لا أن هذا المعنى مما يحتمل أن يكون يعقوب لا يحققه، بل حققه بقوله: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).

وقوله: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٦).

يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)، وهو مع ذلك قد كان بما أخبره يوسف، وبما أوحى إليه أنه قد علم أنه لم يهلك بعد، ولم يوجد منه إلى حيث يرجع هو إليه من البعث بعد الموت. ولا قوة إلا باللَّه.

وقوله: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ (١٥٧) قيل: الصلاة من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يحتمل وجوهًا:

يحتمل: الرحمة والمغفرة.

ويحتمل: الصلاة منه - مباهاته الملائكة؛ جوابًا لهم لما قالوا: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)، كيف قلتم هذا؟ وفيهم من يقول كذا.

وقيل: الصلاة منه: الثناء عليهم. وأي كرامة تبلغ كرامة ثناء اللَّه عليهم.

وقوله (وَرَحْمَةٌ) وقَالَ بَعْضُهُمْ الرحمة والصلاة واحد وهو على التكرار، وقيل: الرحمة: النعمة وهي الجنة.

وقوله: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

شهد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بالاهتداء لمن فوض أمره إلى اللَّه تعالى، ويسلم لقضائه وتقديره السابق وهو كائن لا محالة؛ كقوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) يبلوهم بالذي كان به عالمًا ليكون به ما علمه يكون بالأمر والنهي بحق المحنة، وهو كما يستخبر عما هو به خبير، مع ما كانت المحنة في الشاهد لاستخراج الخفيات يكون بالأمر والنهي، فاستعملت في الأمر والنهي، وإن كان لا يخفى عليه شيء، بل هو كما قال: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ). ثم له جعل الغيب شاهدًا، فجرت به المحنة، ليعلم ما قد علمه غائبًا شاهدًا، إذ هو موصوف بذلك في الأزل. وباللَّه التوفيق.

ثم كان العبد بجميع ما هو له من السعة والسلامة فهو لله في الحقيقة، لكنه بفضله

<<  <  ج: ص:  >  >>