خاطب اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بالنهي عن الغلو في الدِّين أهل الكتاب، لم يخاطب أهل الشرك بذلك فيما خاطب بقوله:(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ)؛ وذلك أن أهل الكتاب ادعوا أنهم على دين الأنبياء والرسل الذين كانوا من قبل، فنهاهم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عن الغلو في الدِّين. والغلو: هو المجاوزة عن الحد الذي حد، والإفراط فيه والتعمق؛ فكأنه - واللَّه أعلم - قال: لا تجاوزوا في الدِّين الحد الذي حد فيه بنسبة الألوهية والربوبية إلى غير اللَّه والعبادة له.
وأما أهل الشرك: فإنهم يعبدون ما يستحسنون، ويتركون ما يستقبحون، ليس لهم دين يدينون به.
وأما هَؤُلَاءِ: فإنهم يَدَّعُون أنهم على دين الأنبياء والرسل؛ لذلك خرج الخطاب لهم بذلك، واللَّه أعلم.