اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
ثم قال: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) طلبت هي الاستئجار، وهو عرض عليه النكاح لما لم ترغب هي في النكاح، أو طلبت الاستئجار ولم تُرِ من نفسها الرغبة في النكاح، وإن كانت لها الرغبة حياء، واللَّه أعلم.
ثم قوله: (عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ): يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه جعل عمله ثماني حجج بدلا للنكاح ومهرا لبضعها.
ثم تحديده ثماني حجج لما رأى عمل ثماني سنين مهر مثلها.
وقوله: (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ) أي: فإن أتممت عشرًا وزدت على مهر المثل فمن عندك، أي: لك ذلك فضل منك وإحسان.
والثاني: قوله: (عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) ليس على جعله بدلا للنكاح، ولكن على الإجارة المعروفة على أجر معلوم على حدة، من غير أن كان ذلك مهرا لها.
ثم التحديد بثماني سنين على هذا الوجه يخرج على إحدى خلتين:
إحداهما: أنه لما قص عليه قصته علم أنه لا يقدر على العود إلى المصر، ورأى أنه لا يأمن تلك الناحية بدون ما ذكر من المدة.
أو لما رأى أن نفسه تنزع وتشوق بالعود في ذلك الوقت فشرط ذلك عليه لئلا يحدث نفسه بالرجوع إليه إلى ذلك الوقت.
وقوله: (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ) أي: فإن زدت سنتين على ذلك فمن فضلك وإحسانك (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) في الزيادة على ذلك كله، واللَّه أعلم.
ثم قال: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) في جميع ما يجري بينك وبيني من المعاملة والصحبة.
وفيه أن الثنيا فيما يعدون كان ظاهرًا في الأمم السالفة.
ثم اختلف في أبي المرأتين:
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان شعيبا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ابن أخي شعيب.
وقال الحسن: لم يكن شعيبا، ولكنه كان سيّد الماء يومئذ.
وليس لنا إلى معرفة من كان حاجة، أما شعيب فإنه لم يكن في زمن موسى، واللَّه أعلم.