وعن عمر - رضي اللَّه عنه - أنه أُتِي بسكران، قال: يا أمير المؤمنين، إنما نشرب من نبيذك الذي في الإداوة؛ فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لست أضربك على النبيذ، إنما أضربك على السكر.
فهذه الأخبار التي ذكرنا دلت على تحريم الخمر بعينها، والسكر من كل شراب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ): يدل على، تحريمها؛ لأنه إذا سكر، صده عن ذكر اللَّه وعن الصلاة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... (٩٢) في تحريم الخمر، والميسر، والأزلام، والأنصاب، وغيرها، (وَاحْذَرُوا) معصيتهما وخلافهما (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عن طاعتهما فيما حرم عليكم وحذركم عنه: (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) في تحريم ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) أي: شربوا من الخمر قبل تحريمها (إِذَا مَا اتَّقَوْا) شربها بعد التحريم (وَآمَنُوا): أي: وصدقوا بالتحريم، (ثُمَّ اتَّقَوْا) شربها، (وَآمَنُوا) في حادث الوقت، (ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا).
وذكر في بعض القصة: أنه لما نزل تحريم الخمر، قالوا: كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟. فنزل:(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا. . .) الآية.
لكن هذا لا يحتمل أن يكون كما ذكر؛ لأنهم شربوا الخمر في وقت كان شربها مباحًا، ولم يشربوا بعد تحريمها، لكن هذا إن كان فإنما قالوا في أنفسهم؛ فنزل: أن ليس عليكم جناح فيما شربتم قبل تحريمها بعد أن اتقيتم شربها بعد نزول حرمتها، واللَّه أعلم.
وقال بعض الناس: إن في الآية تكرارا في قوله - تعالى -: (إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا