وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى): اختلفوا في هذه البشارة؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: جاءوا هم ببشارة إسحاق والحافد. وهو قوله:(فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ). وقَالَ بَعْضُهُمْ: جاءوا ببشارة إهلاك قوم لوط وإنجاء لوط وأهله، قيل: لأن لوطا كان ابن أخي إبراهيم، وكان لوط فزع إلى اللَّه بسوء عمل قومه وصنيعهم ودعا بالنجاة منهم، وهو قوله:(إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ. . .) الآية، حتى ذكر في بعض القصة أن سارة قالت لإبراهيم: ضم ابن أخيك إلى نفسك فإن قومه يعذبون، كأنها عرفت أنه لا يتركهم على ما هم عليه بسوء عملهم. قالوا: جاءوا بالبشارتين جميعًا: ببشارة الولد والحافد، وبشارة هلاك قوم لوط ونجاة لوط وأهله؛ إلى هذا يذهب بعض أهل التأويل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ): هذا يدل أن السلام هو سنة الأنبياء والرسل والملائكة في الدنيا والآخرة، ولم تخص هذه الأمة به بل كان سنة الرسل الماضية والأمم السالفة وكذلك هو تحية أهل الجنة لقوله:(سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ)، ونحوه، هذا يدل على ما ذكرنا.
ثم انتصاب قوله:(سَلَامًا) وارتفاع الثاني؛ لأن الأول انتصب لوقوع القول عليه كقولك: قال قولا، والثاني حكاية لقولهم.