للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قرأ ذلك بالنصب فهو الصلح؛ كقوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا. . .)، إلى آخر الآية.

فَإِنْ قِيلَ: كيف أمر بالدخول، وهم فيه؛ لأنه خاطب المؤمنين بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)؟

قيل: بوجوه:

أحدها: أنه يحتمل قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بألسنتهم، آمِنوا بقلوبكم.

ويحتمل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ببعض الرسل من نحو عيسى، وموسى، وغيرهم من الأنبياء، آمنوا بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وقيل: أمره إياهم بالدخول أمر بالثبات عليه.

وقيل: إنه تعالى إنما أمرهم بالدخول فيه؛ لأن للإيمان حكم التجدد والحدوث في كل وقت، لأنه فعل، والأفعال تنقضي ولا تبقى، كأنه قال: يَا أَيُّهَا الذين آمنوا فيما مضى من الأوقات، آمنوا في حادث الأوقات. وعلى هذا يخرج تأويل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ).

وقوله: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)

وقد ذكرنا تأويله فيما تقدم.

وقوله: (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ (٢٠٩)

أي: ملتم وتركتم من بعد ما ظهر لكم الحق.

وقوله: (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

وقيل: (عَزِيزٌ) أي منتقم بميلكم وترككم الحق بعد الظهور.

ويحتمل: (عَزِيزٌ)، أي غني عن طاعتكم له وعبادتكم إياه.

وقيل: (عَزِيزٌ)، من أن يقهر أو يذل أو يغلب؛ لأن العزيز نقيض الذليل.

وقيل: (عَزِيزٌ)، لا يقدر أحد أن يصل إليه، أو يقهره إلا ذل بنفسه، كما يقال: عزيز لا يرام.

وقوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>