للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكرنا معنى الشكر: أنه اسم المكافأة، أو يقال: كانت عبادته لله عبادة شكر لا عبادة استغفار، أي: كان شكورًا في عبادته لا مستغفرًا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤)

اختلف في قوله: (وَقَضَيْنَا):

قال الحسن وغيره: أوحينا إليهم وأخبرناهم وأعلمناهم في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قضينا عليهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كتبنا عليهم فكيفما كان، ففيه نقض قول المعتزلة؛ لأنه أخبر: أنه أخبرهم وأعلمهم؛ على تأويل من زعم أن القضاء - هاهنا - هو الإعلام والإخبار لهم؛ فيقال لهم: كان أخبرهم وأعلمهم؛ ليصدق في خبره أوْ لا: فإن كان أخبرهم ليصدق في خبره - فذلك منه حكم أنهم: ليفسدن في الأرض مرتين؛ فإن كان تأويل القضاء: الكتاب والحكم، فهو ظاهر، وهو ما نقول: إن كل فاعلٍ فعلًا طاعة كانت أو معصية - كان بحكمه.

ثم من سأل آخر عن المعصية أنها كانت بقضاء اللَّه؛ فلا يجب أن يجاب له على الإطلاق: بـ (نعم) أو ب (لا)، إلا أن يبين أنه ما يريد بالقضاء وما يفهم منه؛ لأن القضاء يتوجه إلى وجوه:

يرجع إلى الخلق؛ كقوله: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)، أي: خلقهن.

والقضاء: الأمر؛ كقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)، أي: أمر ربك.

والقضاء: الحكم؛ كقوله: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ) أي: احكم ما أنت حاكم.

ولم يعرف القضاء: الحمل والدفع؛ على ما يقوله المعتزلة، ونحوه، فلا يجاب على الإطلاق إلا أن يبيِّن أنه ما أراد بالقضاء؟ فإن أراد بالقضاء: الحكم: فعند ذلك يقال: نعم، كان بقضائه وحكمه، وليس فيما قضى وحكم دفعه في المعصية.

ثم اختلف في قوله: مرتين:

قَالَ بَعْضُهُمْ من أهل التأويل: إن بني إسرائيل عصو ربهم؛ فسلط اللَّه عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>