والثاني: أي: قال لهم: ذروا ناقة اللَّه تأكل في أرض اللَّه، وذروا بين الناقة وسقياها -أي: شربها- ثم أضيفت الناقة إلى اللَّه - تعالى - لوجهين:
أحدهما: أن اللَّه - تعالى - لم يأذن لأحد بالتملك عليها؛ حتى ينسب إليه الملك، بل بقيت غير مملوكة لأحد؛ فأضيفت إلى اللَّه - تعالى - كما أضيفت إليه المساجد؛ لما لا ملك لأحد عليها.
أو أضيفت إلى اللَّه - تعالى - على معنى التفضيل، والأصل أن إضافة الأشياء إلى اللَّه - تعالى - بحق الجزئيات على تفضيل تلك الأجزاء من بين غيرها، وإضافة الأشياء إلى اللَّه - تعالى - بحق الكليات، تخرج مخرج تعظيم اللَّه تعالى، فإذا قيل: رب المساجد، أريد به: تفضيل المساجد من بين سائر البقاع، وإذا قيل: رب العرش، أريد به تعظيم العرش، وكذلك إذا قيل: رب الناقة، أريد به تعظيم أمرها، وإذا قيل: رب العالمين، ورب كل شيء، أريد به تعظيم الرب، جل جلاله.
يحتمل أن يكونوا كذبوا صالحا في رسالته، أو كذبوه فيما أخبرهم من حلول العذاب بهم إذا عقروا الناقة، فعقروها مع ذلك.
وقوله - تعالى -: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ)، قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: أطبق عليهم العذاب على الصغير والكبير، ومنه يقال: بعير مدموم؛ إذا كان سمينا أطبق شحمه على لحمه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: دمدم عليهم، أي: دمر عليهم بذنبهم، وذنبهم ما تعدوا من تكذيبهم الرسول، وعقرهم الناقة.