أي: كيدوه أنتم وأمهلهم وأكيد لهم؛ كقوله:(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا. . .) الآية. فيخرج قوله:(وَأَكِيدُ كَيْدًا)، مخرج جزاء كيدهم؛ وكذلك قوله:(وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا)، أي: جزيناهم جزاء مكرهم؛ وكذلك قوله:(سَنمَنتَذ جهُم)، أي: نجزيهم جزاء استدراج وما هو عندهم كيد، وكذلك نفعل بهم ما هو عندهم مكر وخداع، وإن لم يكن من اللَّه مكر وخداع؛ كقوله:(وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)، أي: إعادة الشيء عندع أهون من الابئ اء، وإنى شت الإعادة والابتداء أسواء على اللَّه؛، فعلى ذلك قوله:(سَنَسْتَدْرِجُهُمْ)، (كَيْدِي مَتِينٌ) ونحوه، أي: نفعل بكم ما هو استدراج وكيد عندكم، واللَّه أعلم.
ودل قوله:(وَأُمْلِي لَهُمْ) وعلى أنه لم ينشئهم لحاجة له إليهم، أو لمنفعة له فيهم، ولكن أنشأهم لحوائج أنفسهم، ولمنافع ترجع إليهم، حتى إن عملوا نفعوا أنفسهم، وإن تركوا ضروا أنفسهم.
- وقوله:(مَتِينٌ).
قيل: شديد، أي: عقوبتي شديدة، والمتين: هو المحكم القوي.
إن الكفرة كانوا ينسبون رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إلى الجنون أحيانًا، والذي حملهم على ذلك - واللَّه أعلم - أنهم كانوا أهل العز والشرف في الدنيا، وكان لا يخالفهم أحد، ولا يستقبلهم بالمكروه إلا أحد رجلين: رجل ذو قوة وهيبة، وله أعوان