للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)

أي: لمثل هذه العاقبة التي أعطينا نحن وظفرنا بها، فليعمل العاملون، لا لمثل ما فيه صاحبه الذي في النار.

* * *

قوله تعالى: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (٦٧) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (٦٨) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤)

ثم قال: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ).

يحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا) من النزل والمقام، أي: المقام الذي نزلنا فيه نحن خير أم شجرة الزقوم.

ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا) أن يكون من الأنزال، أي: ما لنا من النعم العظام والمأكل والمشرب خير أم شجرة الزقوم؟

قَالَ بَعْضُهُمْ - أعني: بعض الكفار - عندما خوفوا بها: هل تدرون ما الزقوم؟ هو التمر والزبد، فقالوا: هذا الذي يخوفنا به مُحَمَّد.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن محمدًا يدعي أن تكون الشجرة في النار، والنار من طبعها أن تحرق الشجر وتأكله، فكيف يكون في النار الشجرة؟! تكذيبًا منهم وإنكارًا لذلك، فأخبرهم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عن تلك الشجرة وعن حالها فقال: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥) أخبر أن تلك الشجرة خرجت من أصل الجحيم وأنشئت منها، والشجرة التي أنشئت من النار لا تأكلها النار ولا تحرقها وإنما تأكل غيرها من الأشجار التي لم تنشأ منها، ومثل هذا جائز أن يكون الشيء الذي يكون نشوءه وبدؤه من كل شيء ألا يهلكه كونه في ذلك؛ كالسمك الذي يكون أصل نشوئه في الماء، لا يهلكه الماء وكذلك جميع دواب البحر وإن كان غيرها من الدواب في البرية يهلك فيه ويتلف؛ فعلى ذلك الشجرة المنشأة منها لا تهلكها النار ولا تحرقها، وإن كان غيرها من الأشجار تأكلها وتحرقها، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>