وعلى تأويل من حمل ذلك على الجزاء في الآخرة: فهو يجعل المتوفَى في النار؛ لشدة العذاب، وإن كانوا لا يموتون، وهو كقوله:(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ)، أي تأتيه أسباب الموت.
وعلى تأويل من يجعل قوله:(أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ): في الدنيا في استيفاء الرزق وما كتب لهم؛ يكون قوله:(حَتَّى) على الإثبات وعلى تأويل من يقول بأن ذلك في الآخرة فيجيء أن يكون على الصلة والإسقاط.
تقول لهم الملائكة في النار على تأويل هَؤُلَاءِ وعلى تأويل أُولَئِكَ: عند قبض أرواحهم، أو بعد قبض أرواحهم.
وقوله:(أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، أي: تعبدون من دون اللَّه، وتقولون:(هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)، وقولهم:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) أو الأكابر التي ذكر بقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا)، أين أُولَئِكَ الذين كنتم تعبدون من دون اللَّه؟!
(قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا).
وهلكوا، أي: بطل عبادتنا التي عبدناهم؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى:(أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ)، أي: هلكنا وبطلنا.
فإن كان قوله:(أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ): الكبراء منهم والرؤساء يكون قوله: (ضَلُّوا عَنَّا)، أي: شغلوا بأمرهم عنا، وإن كان الأصنام يكون قوله:(ضَلُّوا عَنَّا) أي: بطل ما كنا نطمع من عبادتنا إياهم، وهو قولهم:(شُفَعَاؤُنَا عَندَ اللَّهِ).