لعن الأتباع المتبوعين؛ لما هم دعوهم إلى ذلك، وهم صرفوهم عن دين اللَّه؛ كقولهم:(إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا. . . .)، وكقوله:(وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا. . . .)، وغير ذلك من الآيات.
ولعن المتبوعون الأتباع؛ لما يزداد لهم العذاب بكثرة الأتباع وبقدرهم؛ فيلعن بعضهم بعضًا.
وفيه دليل أن أهل الكفر وإن اختلفوا في مذاهبهم فهم إخوة وأخوات بعضهم لبعض، كالمؤمنين بعضهم إخوة وأخوات لبعض.
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو من التدارك، أي: حتى إذا تداركوا وتتابعوا فيها.
وقيل: هو من الدرك؛ لأن النار دركات، لا يزال أهل النار يهوون فيها لا قرار لهم في ذلك؛ وفي القرار بعض التسلي والراحة، فلا يزالون يهوون فيها دركًا فدركًا.
وقيل: ولذلك سميت هاوية.
وقيل:(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا)، أي: اجتمعوا فيها؛ فعند ذلك يتلاوم بعضهم بعضًا، فإن كان على التدارك فهو كقوله:(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ). وإن كان على الاجتماع فهو للتضييق؛ كقوله:(وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ) ويجتمعون يلعن بعضهم بعضًا.