يقسمون باللَّه إلا ما يعظم من الأمر ويجل، وذلك آخر أقسامهم؛ ولذلك قال بعض أهل التأويل في قوله:(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ): يقول: جهد أيمانهم هو قسمهم باللَّه.
قَالَ بَعْضُهُمْ: الآية نزلت في مخالفة أهل الكفر بعضهم بعضًا، وهو أن يرث بعضهم بعضًا، وينصر ويعين بعضهم بعضًا، ويحلفون على ذلك ويقسمون؛ فإن هلكوا في ذلك - أي: في نصر بعضهم بعضًا وإعانة بعضهم بعضا، - ثم إذا رأوا الكثرة والغلبة مع غير الذين خالفوهم - نقضوا ذلك، ورجعوا إلى الذين معهم الكثرة والغلبة؛ فنهوا عن ذلك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الآية في الذين يكونون بعد رسول اللَّه وأصحابه لما علم أنه يكون خوارج وأهل اختلاف في الدِّين، فربما كانت الكثرة والغلبة لهم على أهل العدل؛ فنهى من عاهد أهل العدل وبايعهم - أن يترك بكثرتهم وغلبتهم الكون مع أهل العدل، وإعانتهم، ونقض ما عاهدوا؛ ولذلك قال:
(إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ).
وقال: هذا يدل أنه في أهل الإسلام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الآية في أهل النفاق؛ أنهم كانوا يقسمون باللَّه إنهم ينصرون رسول اللَّه وأصحابه، ويقولون: إنا معكم، كقوله:(وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ. . .) الآية، كانوا يُرُون من أنفسهم الموافقة لهم، والنصر، والعون