وقوله:(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ): كأنه يقول - واللَّه أعلم -: اذكر لوطًا إذ قال لقومه.
ثم ذكره إياه يخرج على وجهين:
أحدهما: أن اذكر نبأ لوط وخبره؛ ليكون لك آية على رسالتك ونبوتك؛ إذ يعلمون أنك لم تشاهده ولا شهدت زمنه، فأخبرت على ما في كتبهم ليعرفوا أنك إنما عرفت ذلك باللَّه.
والثاني: اذكره: أن كيف صبر على أذى قومه، وكيف عامل قومه مع سوء صنيعهم من ارتكاب الفواحش والمناكير وسوء معاملتهم إياه، فاصبر أنت على أذى قومك وسوء معاملتهم إياك.
هذا - واللَّه أعلم - يشبه أن يكون معنى ذكر لوط إياه، وعلى هذا يخرج قوله:(وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ)، أي: أذكر إبراهيم ونبأه: أن كيف عامل قومه؛ وماذا قال لهم؛ وكيف صبر على أذاهم؛ فتعامل أنت قومك مثله، واصبر على أذاهم كما صبر أُولَئِكَ، واللَّه أعلم.
وقوله:(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ): قال لهم: (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ)، ثم لم يتهيأ لهم أن يعارضوا لقوله:(مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ)، بل قد كان سبقنا بذلك أحد، فكان في ذلك وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك آية لرسالته، وأنه إنما علم باللَّه: أنه لم يسبقهم بها أحد كما