للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعماله، وذلك بفضله ومنه.

(وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا).

ومن شرح صدره بالكفر فهو كافر به إن كان ليس على الإكراه؛ لما ذكرنا أنه باختياره الكفر ينشرح له الصدر لما لا يعمل الإكراه على القلب.

(فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).

ظاهر.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (١٠٧)

أي: ذلك الغضب والعذاب بأنهم.

(اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ).

يحتمل وجهين:

أحدهما: استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة؛ جحودا وإنكارا، وإلا نفس الاستحباب قد يكون من المؤمن؛ فلا يزيل عنه اسم الإيمان؛ كقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إلى قوله - تعالى - (أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ)؛ فلم يزل عنهم اسم الإيمان باختيارهم واستحبابهم الحياة الدنيا؛ فدل أن الأول عن الجحود له والإنكار، وهذا على الميل إليه دون الجحود؛ أو أن يكون كذلك لما لم يروا الآخرة كائنة لا محالة ولكن ظنا ظنوا لعلها كائنة؛ كقولهم: (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)، وأمَّا أهل الإسلام فإنهم لم يكونوا فيها ظانين متشككين؛ ولكن متحققين مستيقنين؛ فاستحقوا بذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).

وقت اختيارهم الكفر؛ لأن اللَّه لا يهدي القوم المختارين الكفر على الإيمان؛ وقال ذلك لقوم علم اللَّه أنهم يختارون الكفر، وأنهم يموتون على الكفر؛ فلا يهديهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>