للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ).

أي: يوقظكم، ويرد إليكم أرواح الحواس.

(لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى).

أي: مسمى العمر إلى الموت.

(ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

خرج هذا على الوعيد لما ذكرنا؛ ليكونوا على حذر.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ)، وقوله: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).

يعلم كل ما يغيب عن الخلق ولا يخفى عليه شيء؛ لأنه عالم بذاته لا يحجبه شيء، ليس كعلم من يعلم بغيره، فيحول بينه وبين العلم بالأشياء الحجب والأستار، فأما اللَّه - سبحانه وتعالى - فعالم بذاته لا يعزب عنه شيء، ولا يكون له حجاب عن شيء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ... (٦١) فيه جميع ما يحتاج أهل التوحيد في التوحيد؛ لأنه أخبر أنه قاهر لخلقه وهم مقهورون، ومن البعيد أن يشبه القاهر المقهور بشيء، أو يشبه المقهور القاهر بوجه، أو يكون المقهور شريك القاهر في معنى؛ لأنه لو كان شيء من ذلك لم يكن قاهرا من جميع الوجوه، ولا كان الخلق مقهورًا في الوجوه كلها، فإذا كان اللَّه قاهرًا بذاته الخلق كله كانت آثار قهره فيهم ظاهرة، وأعلام سلطانه فيهم بادية؛ دل على تعاليه عن الأشباه والأضداد، وأنه كما وصف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

وقوله: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ).

يكون على وجهين:

أحدهما: وهو القاهر وهو فوق عباده.

الثاني: على التقديم والتأخير؛ وهو فوق عباده القاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>