بالليل، بل يعلم ما يكون منا بالليل والنهار جميعًا، وليس فيه أنه لا يتوفانا بالنهار وألا نجرح بالليل، لكنه ذكر الجرح بالنهار والوفاة بالليل؛ لما أن الغالب أن يكون النوم بالليل والجرح بالنهار؛ فهو كقوله - تعالى:(وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)، ليس ألا يبصر بالليل، لكن ذكر النهار، لما أن الغالب مما يبصر إنما يكون بالنهار؛ فعلى ذلك الأول.
ثم فيه دلالة أن النائم غير مخاطب في حال نومه؛ حيث ذكر الوعيد فيما يجرحون بالنهار ولم يذكر بالليل.
يستدل بقوله:(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) على الإحياء بعد الموت؛ لأنه يذهب أرواح هذه الحواس ثم يردها إليها من غير أن يبقى لها أثر، فكيف تنكرون البعث بعد الموت وإن لم يبق من أثر الحياة شيء؟!
ثم القول في الجمع بعد التفرق مما الخلق يفعل ذلك ويقدر عليه؛ نحو ما يجمع من التراب المتفرق فيجعله طينًا، ورفع البناء من مكان، ووضعه في مكان آخر، وغير ذلك من جمع بعض إلى بعض، وتركيب بعض على بعض؛ فدل أن الأعجوبة في رد ما ذهب كله حتى لم يبق له أثر، لا في جمع ما تفرق، واللَّه أعلم.