وقَالَ بَعْضُهُمْ؛ إن عذابهم كلما أراد أن يفتر بنضج الجلود، زيدت لهم - بتبديل الجلود - نارها كلما أرادت أن تخمد زِيد لهم سعيزا؛ كقوله:(بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا)، وقوله:(كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا)؛ فذلك هو الزيادة في العذاب.
ويحتمل غير ذلك، وهو أن عذاب الكفر دائم أبدًا؛ فيزداد لهم عذابًا بما كان لهم في الكفر - سوى الكفر - أعمال ومساوٍ، كما يعفى ويتجاوز عن المؤمنين ما كان منهم من المساوي؛ كقوله:(أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ)؛ مقابل ما كان يعفى عن المؤمنين المساوي، زيد لأهل الكفر، على عذاب الكفر؛ لمساويهم.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (زِذنَاهُم عَذَابًا ضِعفا بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ)، وأصله أن جزاء الآخرة من الثواب والعذاب على المضاعفة؛ لأنه دائم لا انقطاع له. وما ذكر من الزيادة والفوق وغيره - فهو على المضاعفة.
يحتمل قوله:(تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ): ما ذكر في هذه السورة؛ لأنه ذكر فيها جميع أصناف النعم وجواهرها، ووجوه الأسباب التي بها يوصل إليها، وذكر فيها ما سخر لهم من أنواع الجواهر، وفيه ذكر ما وعد وأوعد، وأمر ونهى، وذكر ما حل بالأعداء وما ظفر أولياؤه بهم. وفيه ذكر سلطانه وقدرته، وذكر سفه الكفرة وعنادهم، وذكر ما يؤتى ويتقى؛ فذلك تبيان لكل شيء.
أو أن يكون في الكتاب تبيان كل شيء، وفي القرآن ما ذكرنا: من الأمر والنهي، والوعد والوعيد، وأخبار الأمم الماضية وأمثالهم، وجميع ما يؤتى ويتقى؛ ففيه تبيان