للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغرق.

(وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ) أي: عذاب يدوم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (عَذَابٌ مُقِيمٌ) هو عذاب الآخرة؛ كقوله: (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا).

وأما قول أهل التأويل إن سفينة نوح كان طولها كذا وعرضها كذا، فليس لنا بذلك علم ولا حاجة لنا إلى معرفة ذلك، فإن صح ذلك فهو ما قالوا وقولهم كان لها ثلاثة أبواب وثلاثة أطباق، فذلك أيضًا لا نعرفه، ولا قوة إلا باللَّه.

* * *

قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٤٠) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (٤٢) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ).

قوله: (جَاءَ أَمْرُنَا) أي: جاء وقت أمرنا بالعذاب الذي استعجلوه؛ كقولهم: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)؛ وكذلك كانت عادة الأمم السالفة استعجال العذاب من رسلهم، وسمي العذاب أمر اللَّه؛ لما لا صنع لأحد فيه، وكذلك المرض سمي أمر اللَّه؛ لما لا صنع لأحد من الخلائق فيه، وسمى الصلاة أمر اللَّه؛ لما بأمره يصلي.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفَارَ التَّنُّورُ): قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (وَفَارَ التَّنُّورُ) يقال: فار الماء أي خرج يفور فورًا، أي: غلى كما تغلي القدر وتصديقه قوله: (وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ. . .)، قالوا: فار أي: خرج وظهر.

والتنور: اختلف فيه؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: التنور هو وجه الأرض، قالوا: إذا رأيت الماء خرج ونبع وظهر على وجه الأرض فاركب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: التنور هو التنور الخابزة التي يخبز فيها، قالوا: إذا رأيت الماء نبع من

<<  <  ج: ص:  >  >>