للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الحدائق: البساتين والرياض، والحديقة: الروضة.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: الحدائق: البساتين واحدها: حديقة، سميت بذلك لأنها تحدق بها، أي: تحيط (ذَاتَ بَهْجَةٍ): حسن المنظر.

وجائز أنها سميت ذات بهجة لما يبتهج صاحبها إذا نظر إليها ويسر.

وقوله: (مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا) أي: ما تقدرون أنتم أن تنبتوا شجرها، فمن هو دونكم أشد وأبعد، فكيف أشركتم في العبادة وتسمية الإلهية من هو دونكم في كل شيء؟! وقوله: (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) أي: لا إله مع اللَّه.

(بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ): يحتمل هذا وجهين:

أحدهما: يحتمل (يَعْدِلُونَ) أي: يجعلون من لا يملك ما ذكر عديلا لله.

والثاني: (يَعْدِلُونَ) أي: يعدلون عن اللَّه، ويميلون إلى غيره من العدول، والله أعلم.

(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١)

يقرون عليها، ويتعيشون فيها ويبيتون، (وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا): ينتفعون بها أنواع المنافع ويشربون، (وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ)، أي: الجبال لئلا تميد بهم، (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا): قَالَ بَعْضُهُمْ: جعل بين بحر فارس والروم جزيرة العرب حاجزًا، وسميت: جزيرة؛ لما جزر الماء فيها، أي: ذهب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: بحر الشام وبحر العراق.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا) بين العذب والمالح حاجزًا بلطفه، لا يختلط هذا بهذا ولا هذا بهذا؛ لطفا منه، يذكرهم نعمه عليهم ولطفه: أن كيف أشركتم في عبادته وألوهيته من لا يملك ذلك، وصرفتم شكرها إلى غير المنعم؟!

(أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) أي: لا إله مع اللَّه.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ): لأن من لا ينتفع بما يعلم فكأنه جاهل، نفى عنهم العلم لتركهم الانتفاع به؛ كما نفى عنهم السمع والبصر واللسان والعقل؛ لتركهم الانتفاع بهذه الجوارح والحواس، وإن كانت لهم هذه الجوارح؛ فعلى ذلك جائز نفي العلم عنهم لتركهم الانتفاع به.

والثاني: (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) لما لا يتكلفون النظر فيما ذكر، أو لا يعلمون أن بينهما حاجزا، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>