ويشبه أن يكون قوله:(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ) يعني: أهل مكة أي ما يتبع أكثر أهل مكة، الأوائل والأسلاف في عبادة الأصنام والأوثان. (إِلَّا ظَنًّا) لأنهم عبدوا الأصنام ويقولون: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ. . .) الآية، وآباؤنا كذلك يفعلون، ثم أخبر أن الظن لا يغني من الحق شيئًا، أي: الظن لا يدرك به الحق إنما يدرك الحق باليقين، (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) وهو حرف وعيد ليكونوا أبدا على حذر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن كفار قريش قالوا: إن محمدًا افترى هذا القرآن من عند نفسه ويقوله من نفسه، فقال:(وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ) أن يضاف إلى غيره أو يختلق.
(وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي: يصدق هذا القرآن الكتب التي كانت من قبل، ولو كان مُحَمَّد هو الذي افتراه واختلقه من عند نفسه لكان خرج هو وسائر الكتب المتقدمة مختلفا، إذ لم يعرف مُحَمَّد سائر الكتب المتقدمة إذ كانت بغير لسانه، ولم يكن له اختلاف إلى من يعرفها ليتعلم، ثم خرج هو أعني القرآن مصدقا وموافقا لتلك الكتب؛ دل أنه من عند اللَّه جاء؛ كقوله:(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ. . .) الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ) يخرج على وجهين: